أشهر مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث .. قصة الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي قضى 60 عامًا مفسرًا ومبسطًا للقرآن
أشهر مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث .. قصة الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي قضى 60 عامًا مفسرًا ومبسطًا للقرآن
الشيخ محمد متولي الشعراوي عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛
حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، لقبه البعض بإمام الدعاة.
أطل الشيخ محمد متولي الشعراوي على البيوت العربية من خلال شاشات التلفاز في عام 1973، وحتى وفاته في عام 1998، وكانت صورته الحاضرة في خيال الناس حتى الآن، جالسًا على كرسيه ممسكًا بالقرآن الكريم، بينما يلتف حوله الناس بآذان مصغية وعيون شاخصة وأعناق مشرئبة منصتين لأسلوبه الساحر في التفسير.
الأسلوب البسيط للشيخ الشعراوي في تفسير القرآن الكريم، جعله من أهم علماء الدين والمفسرين في العصر الحديث، الذين استطاعوا الوصول إلى شريحة كبيرة من المسلمين بالعالم باختلاف ثقافتهم.
نشأة الشيخ محمد متولي الشعراوي
ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره.
في عام 1922م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغًا منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م.
ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.
وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون.
نقطة التحول في حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي
كانت نقطة التحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان من الشعراوي إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية.
فطن والده إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: “أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم”. وهذا ما قاله فضيلة الشيخ الشعراوي في لقائه مع الصحفي طارق حبيب.
الحياة المهنية للشيخ محمد متولي الشعراوي
التحق الشيخ الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين.
لم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.
بدأ الشيخ الشعراوي حياته المهنية بالتدريس في المعاهد الأزهرية في مدن الزقازيق وطنطا والإسكندرية، قبل أن ينتقل بعلمه وخبرته إلى المعاهد في الجزائر والسعودية.
وفي عام 1950 بدأ التدريس في كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، واستكمل التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة قبل أن يعود إلى مصر عام 1961.
جمال عبد الناصر يمنع الشيخ الشعراوي من التدريس في السعودية!
تخرج الشيخ الشعراوي من كلية اللغة العربية عام 1940، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م. بعد التخرج عُين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى.
اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلًا في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع.
في عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية.
مناصب قيادية في حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي
بعد عودة الشيخ الشعراوي إلى مصر، تولى في حقبة السبعينيات منصب وكيل معهد طنطا الأزهري، ومسؤول الدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية وعمل مفتشًا للعلوم العربية بالوزارة نفسها، قبل أن يعين مديرًا لمكتب شيخ الأزهر وقتها حسن مأمون عام 1964.
لم يتوقف عطاء الشيخ الشعراوي لخدمة الدين الإسلامي في مصر والسعودية فقط، بل امتد إلى دول عربية أخرى مثل الجزائر، بعد أن اختير رئيسا لبعثة التعريب الأزهرية عام 1966 لمعاونة الحكومة الجزائرية وقتها في إعادة قواعد الدين السليم عقب التخلص من الاحتلال الفرنسي، ونجح وقتها في وضع مناهج دراسية جديدة باللغة العربية بالمدارس الجزائرية.
وفي عام 1970 عاد الشيخ الشعراوي من جديد إلى المملكة العربية السعودية، لاستكمال مهمته في التدريس، وأصبح أستاذًا زائرًا في كلية الشريعة ورئيسًا للدراسات العليا بجامعة الملك عبدالعزيز.
وعلى الرغم من أن الشعراوي كان يفضل طوال الوقت نقل خبراته في العلم والدين إلى آخرين، عبر دروس المساجد والتدريس في الكليات والمعاهد الأزهرية، فإنه اختير من قبل الرئيس المصري الراحل أنور السادات ليكون وزيرا للأوقاف عام 1976.
وسرعان ما تقدم الشيخ الشعراوي باستقالته من المنصب نهاية عام 1978، ليصبح بعدها عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، إضافة إلى اختياره عضوًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، نظرًا لارتباط دراسته بهذا التخصص وتبحره في الأدب ونصوصه والشعر.
الحياة الشخصية للشيخ محمد متولي الشعراوي
تزوج الشيخ محمد متولي الشعراوي وهو في الثانوية بناءً على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة.
وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي
توفي الشيخ محمد متولي الشعراوي في 17 يونيو 1998، عن عمرٍ ناهز 87 عامًا. عبد الرحيم الشعراوي، نجل الشيخ الشعراوي صرح لأحد البرامج أن والده كان يكره المستشفيات والتواجد بها، وأنه قبل وفـ.ـاته بحوالي 18 يومًا انفصل تمام عن العالم الخارجي، ورفض الطعام والشراب والدواء، وحتى الرد على الهاتف المحمول، واكتفى فقط بتواجد أبنائه وأحفاده من حوله.