تركت زوجها ولديها منه طفل لعــدم حبّها له.. قصّة الحب التي عجب منها الرسول وحاول أن يصلح بين طرفيها لكن المرأة لم تقبل
سمعنا في عالمنا عن الكثير من قصص الحب الكبيرة التي اشتهرت على مر التاريخ، وقد كان للعرب نصيباً كبيراً منها فروت عنهم الحكايات وكتبت قصائد الشعر.
موضوع قصّتنا لهذا اليوم فريدةٌٌ من نوعها، فلن نتحدث عن قصّة حب شهيرة أو معروفة، وربما سبب عدم شهرتها أنّها كانت من طرفٍ واحد، وما أكثر تلك القصص في الماضي والحاضر.
وربما أن السبب الذي أوصل تلك القصّة لنا هو أنّ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كان شفيعاً فيها للرجل الذي أحب المرأة التي كانت زوجته وكان لها منه ولد، ثم تركته ولم تقبل أن تعود إليه.
كان في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، رجلٌ عبد يدعى مغيث، وكان هناك أمة تدعى بريرة، تزوجا ورزقا بطفل، وكان مغيث يحب بريرة حباً كبيراً، بعكس بريرة التي كانت تبغـ.ـضه.
كان مغيث فقير الحال، ويسعى لعيشه مع زوجته وطفله وخدمة سيده، بعكس بريرة التي كانت تسعى بشكلٍ كبير كي تحصل على حريتها وتصبح حرة.
طلبت بريرة من سيدها مراراً أن يعتقها، فلم يكن يقبل بذلك، وبعد أخذٍ ورد، قالت له أنها ستعطيه مبلغاً من المال كي يخلي سبيلها وتصبح حرة، فوافق على ذلك.
السيدة عائشة تساعد بريرة لتحصل على حريتها
لم تكن بريرة ولا زوجها يملكان المال، فذهبت إلى السيدة عائشة رضي الله عنها، وأخبرتها بالأمر وأنها بحاجة للمال من أجل أن تحصل على حريتها، فدفعت لها السيدة عائشة المبلغ وأعطته بريرة لسيدها لتصبح حرّة.
لم يكن نبأ حرية بريرة أمراً غير سار بالنسبة لمغيث، لكنه أتى له بما هو غير سار، فوفقاً لأحكام الشرع إن تزوج العبد من أمة، ثم حصلت الأمة على حريتها، يصبح أمرها إليها، فإن أرادت تبقى مع زوجها، وإن أرادت تطـ.ـلق نفسها منه.
وقد اختار بريرة الخيار الثاني، كونها لم تكن تحمل أي حب لمغيث، بل إنها كانت تبـ.ـغضه، وبالفعل تركت بريرة مغيث ولم ترغب بالبقاء معه رغم حبه الكبير له.
حاول مغيث مراراً أن يستعطـ.ـفها ويثنـ.ـيها عن قرارها لكنه لم يفلح، وقد كان يسير خلفها في الأسواق يبـ.ـكي حتى تبتل لحيته، لكنها لم تكن ترق لحاله.
مغيث يطلب من رسول الله الوساطة
ولما علم مغيث أن ليس له عليها من سبيل بعد أن جرب مختلف الطرق معها، ذهب إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يشـ.ـفع له عند بريرة، وأن يعيدها إليه.
قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلب مغيث، وذهب إلى بريرة وكلّمها، وذكرها بالعشرة والولد الذي بينها وبين مغيث، فقالت له بريرة : يا رسول الله، أأمرٌ أم شـفـاعـة؟ هل أنت آمرٌ أم شفــيع؟
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل شفــيـع، فقالت إذاً لا حاجة لي فيه، وبذلك رفـ.ـضت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يملك الرسول من أمره سوى الانصراف، فلم يجـ.ـبرها على العودة لمغيث.
وقد ورد في صحيح البخاري، من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال :” إن زوج بريرة كان عبداً، يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبـ.ـكي، ودمـ.ـوعـ.ـه تسيل على لحيلته،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبّاس، يا عبّاس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغـ.ـض بريرة مغيثاً”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة “لو راجعته، قالت: يا رسول الله، تـ.ـأمـ.ـرني؟ قال إنما أنا أشفـ.ـع، قالت : لا حاجة لي فيه”.
قصة الصحابي مرثد مع عناق
ومن القصص الأخرى عن الحب، والتي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهداً عليها، قصة الصحابي مرثد مع عناق، وفيما يلي تفاصيلها الكاملة.
فقد كان الصحابي مرثد ابن أبي مرثد ابن الحصين الغنوي، ويرجع نسبه إلى قبيلة بني غنى بن يعصر ابن سعد ابن قيس عيلان، ولد في مكة المكرمة ودخل الإسلام في سنٍ صغير، وهاجر مع والده وسائر المسلمين إلى المدينة المنورة، وأخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين أوس ابن الصامت، يحب فتاة تدعى عناق.
وقد كان مرثد ابن أبي مرثد رضي الله عنه من أمراء السرايا، وقد كلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهمة في مكة، كونه كان رجلاً يتميز بالقوة والسرعة فضلاً عن قدرته على التحمل، وقد كانت مهمته الذهاب إلى مكة وتحـ.ـرير أسـ.ـرى المسلمين هناك.
وكان مرثد يأتي إلى مكة المكرمة، ويدخلها في الليل، ويبحث عن البيوت التي يوجد بداخلها أسـ.ـرى للمسلمين، فيدخلها ويخرجهم، ثم يحملهم على ظهره إلى ان يبتعد عن مكة، فيفـ.ـكهم ويصحبهم إلى المدينة المنورة.
وقد كان الصحابي مرثد رضي الله عنه، يحب فتاة بـ.ـاغـ.ـية تدعى “عناق” قبل أن يدخل الإسلام، وقد كان متعلقاً بها حتى أسلم وهاجر إلى المدينة المنورة ونسي أمرها.
وفي إحدى الليالي، وأثناء عمله على تحـ.ـرير المسلمين في مكة، شاهدته عناق من بعيد، ونادته باسمه فعرفها وعرفته، وبدأت تخبره بمدى شوقها إليه، ودعته ليبات في بيتها تلك الليلة، فأخبرها أنه مسلم وأن الله حـ.ـرم الـ.ـزنـ.ـى، فهـ.ـددته بأنها ستخبر قريشاً عنه إن لم يطع كلامها ويذهب معها، فأجابها بنفس الإجابة الأولى.
فبدأت عناق بالصـ.ـراخ يا أهل مكة يا أهل مكة لتخبر قريشاً عنه، وأنه هو من يقوم بتهـ.ـريب الأسـ.ـرى، فـ.ـر مرثد من مكة إلى خارجها، ودخل احد الكهوف بعد أن تبعه عدة رجال، لكنهم لم يتمكنوا من لحاقه.
بعد أن سكن مرثد واطمأن أن القوم قد انصرفوا عنه، عاد إلى مكة المكرمة وحـ.ـرر الأسـ.ـير وذهب معه إلى المدينة المنورة.
مرثد يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوج عناق
وفي المدينة، ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له يا رسول الله، إن عناق امرأة مشـ.ـركة فهل يجوز لي أن أتزوجها، فلم يجبه رسول الله، فسأله في مرة ثانية نفس السؤال فلم يجبه لأنه لم يكن يملك الحكم.
وبعد ذلك، نزلت أيةً في القرآن الكريم،
تقول:” الآية الكريمة التي نزلت بشأن مرثد
وبعد أن أنزل الله تعالى الآية الكريمة، نهـ.ـاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزواج بها، وعلى الرغم من حبه لها، قبل مرثد بحكم الله وأطاعه.
يذكر ان مرثد من البدريين، أي شارك في غـ.ـزة بدر وأحد، وقد استشـ.ـهد في عام أربعٍ للهجرة عندما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم ليأتي ببعض الأخبار عن قريش مع عدة رجال، فاعتـ.ـرضهم بعض من قبائل هذيل وقد رثـ.ـاه حسان ابن ثابت شاعر رسول الله بقصيدة، مما جاء فيها :” صلى الإله على الذين تتابعو يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا رأس السرية مرثد وأميرهم وابن البكير إمامهم وخبيب”.