آمنت ماشطة بنت فرعون بالله، فقتلها فرعون مع زوجها وأولادها، ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة الإسراء، شيئاً من نعيمها، فحدث به أصحابه،
فقال لهم، فيما رواه البيهقي: «لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة، فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون وأولادها».
قصة هذه المرأة ذكرها الإمام أحمد في مسنده، وأبو يعلى في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في دلائل النبوة
، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لما كانت الليلة التي أسري بي فيها أتت على رائحة طيبة، فقلت: يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها. قال: قلت: وما شأنها؟
قال: بينما هي تمشط ابنة فرعون ذات يوم إذ سقطت المدرى من يديها، فقالت: بسم الله. فقالت لها ابنة فرعون: أبي؟ قالت: لا، ولكن ربي ورب أبيك الله.
فأخبرت أباها، فدعاها وسألها: ألك رب غيري؟ قالت: نعم ربي وربك الله، فأمر ببقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها أن تلقى هي وأولادها فيها، قالت له: إن لي اليك حاجة، قال: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام اولادي في ثوب واحد وتدفننا،
قال: ذلك لك علينا من الحق، قال: فأمر بأولادها فألقوا بين يديها واحدا واحدا، الى أن انتهى ذلك إلى صبي لها رضيع، وكأنها تقاعست من أجله، قال: يا أمه اقتحمي، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فاقتحمت.
قال ابن عباس: «تكلم أربعة في المهد: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وابن ماشطة ابنة فرعون».
ويذكر ابن كثير في «قصص الأنبياء»:
«قال أبو زرعة في (دلائل النبوة): روى ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه ليلة أسري به وجد رائحة طيبة، فقال: يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ قال: هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها».
وقال: «أسلمت وزوجها على يد الخضر عليه السلام، وكتما إيمانهما، فبينما هي تمشي مع بنت فرعون إذ سقط المشط من يدها،
فقالت: تعس فرعون. فأخبرت أباها، وكان للمرأة ابنان، فأرسل إليهم، فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما، فأبيا، فقال: إني قاتلكما. فقالا: إحسان منك إلينا إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد. فجعلهما في قبر واحد، فقال: وما وجدت ريحاً أطيب منهما، وقد دخلت الجنة»