قصة الراعي تقي الدين …..لن تندم لسماعها
كان تقي الدين قد أسند ظهره لشجرة ، و قام بمد أرجله المتورمة من السير الشاق جراء اتباعه لقطيع الغنم طوال اليوم . بعد تنهيدة صغيرة ألقى نظرة نحو قطيع الغنم بينما أغمض عينيه مستسلما للنوم .
بعد ثلاث أو أربع ساعات من النوم استيقظ و صعق عندما رأى أن الغنم اختفت ، قطيع كامل يضم أكثر من 275 شاة اختفى! ،
وبدون ضوضاء أو جلبة فماذا حصل؟ وماذا يفعل؟ ، وماذا سيقول لأصحاب الأغنام؟ . هل أن القطيع هرب بينما كان هو نائم! .
أخذ عصاه و انطلق لا يلوي علي شيء ، وقام بتسلق تل أمامه عله يرى القطيع في مكان ما . ولسان حاله يقول كيف اختفى القطيع كثير الجلبة بدون جلبة ؟ .
أيضا ماذا حدث للكلب الذي كان يحرسه لماذا اختفى هو أيضا؟ . فعلى مدى مجال رؤيته لم ير أي شيء ، لا غبار و لا صياح و لا أي شيء . و كأن قطيع الغنم تبخر مثل بخار الماء! .
بعد ساعات من الركض المتواصل و المتعب انهارت قوى تقي الدين و لم يعد قادرا على المواصلة . كان يفضل الموت في الخلاء على العودة خالي اليدين . فماذا سيقول لهم ؟ .
وبينما كان يفكر و هموم الدنيا تحوم حوله ، إذ به يسمع صوت ضحكات منكرة قريبة منه . كان منهكا ليبحث عن مصدر الصوت ، لكنه لم يكن بحاجة للبحث فمصدر الصوت بات خلفه تماما . أحس تقي الدين بجسم لشخص أو شي ما خلف ظهره ، و يا للرعب! .
ففي غفلة من الزمن التفت تقي الدين لمعرفة الشيء الذي وراءه لكنه لم يجد شيئا .! فهدا روعه و قال لنفسه مطمئنا : لعلها الحرارة أثرت في عقلي أو ربما العطش .
لكن بينما كان كان يفسر لنفسه ما حدث ، إذ بيد تلمس كتفه فجأة . لتقف كل شعرة في جسده و يطلق ساقيه للريح متجها نحو جبل أمامه وحتى ساعتها لم يلتفت خلفه .
عندما وصل للجبل قام بشرب بعض الماء من عين في الجبل باردة و لذيذة . غسل وجهه و جلس بضع دقائق يحدق في الماء ، و آلاف الأفكار تجول في رأسه ، ماذا و كيف ؟ . ناداه صوت غليظ و هذه المرة من قريب :
_ إلى متى تنوي التحديق في الماء ؟.
عندما التفت إلى مصدر الصوت قفز خوفا و فزعا نحو جدار خلفه ، أمسك عصاه الغليظ بيديه الإثنتين و وضعها أمامه في هيئة دفاعية .
كان العرق يسيل من وجهه كأنه شلال من القطرات . و عينيه تحملق في الكائن الذي أمامه ، خروف أبيض يملك قرونا سوداء طويلة ، عينيه حمراوين ورجليه رجلي رجل . و كان هاذ الكائن متكئا على الجدار خلفه واضعا يديه الكبيرتين علي ركبتيه .
نظر تقي الدين إلى هذا الكائن الذي يشبه الخروف بدون نطق كلمة . و ماذا سيقول؟. رجلاه تيبست و لا يعرف إن كانا موجودين أصلا . و بعد ساعة من النظر إلى وجه الكائن الذي لم يملك أذنين أو فما أو أنفا أو حتى أصابع لرجليه . نطق الكائن و لا يعرف كيف نطق قائلا له :
_ إلى متى تنوي البقاء في منزلي أيها الآدمي؟ ، زوجتي لا تحب الزوار .
و أكمل قائلا دون ترك الفرصة لتقي الدين أن يجيب :
_ سوف أدعك و شأنك لتذهب بسلام لكن بشرط ..
_ شرط ؟ . قال تقي الدين بعد أن بلع ريقه … وماهو الشرط؟ .
_ عندما أتركك تقوم بالخروج من أرضي وإلا فسوف تندم ، لقد أفسدت الكثير في أرضي هل تفهم؟ .
هز تقي الدين رأسه موافقا . ولا يعرف على ماذا وافق إطلاقا فهو لم يفهم كلمات الكائن مطلقا . لم يفهم معنى أدعك وشأنك ، فهو ليس أسيرا أو محتجزا . بل هاهو يمتلك عصا صلبة وقوية و يمتلك قوة بدنية لا بأس بها .
قام الكائن من مكانه و هذه المرة ابتسم لتقي الدين ابتسامة لن ينساها طوال حياته ، لقد قام الكائن بشق شق في الموضع الذي يفترض أن يكون فيه فمه مخرجا لسانا أسود طويل و أسنان صفراء حادة كأنها نحاس أصفر و قال له :
_ إذا لم تنفذ جزءك من الإتفاق سوف أقطع جزء من رأسك بواسطة أسناني هذه .
و اختفى ثم أصبح كل شيء في ظلام دامس لبضع دقائق . ثم لاحظ تقي الدين نورا خافتا توجه نحو مصدره . ليجد بأنه كان نائما تحت الشجرة و قطيع الغنم مازال يأكل بنهم ..
_ حلم؟ ، لا بل كابوس مزعج !.
قالها تقي الدين ، ووضع يده محاولا رفع جسمه عن التراب . وعندما وقف أدرك انه كان نائما لسبع ساعات .
كان جسده يؤلمه و ساقيه تصرخان من الألم . ورجليه مازالتا متورمتين من الألم ..
سأل نفسه إن كان يحلم ، ولاحظ أن هناك شيئا قريبا ، فالكلب لم يره قبل أن ينام وقد كان عند قدميه في حفرة حفرها بسرعة . لكن الحفرة موجودة والكلب ليس فيها! .
ألقى نظرة سريعة للبحث عنه لكنه لم يره ، لكن رغبة غريبة جاءته بالنظر خلف الشجرة . وعندما ألقى نظرة وجد كلبه .
كان مسلوخ الجلد مقطعا لأشلاء صغيرة . ولم يبق منه غير رأسه الذي كان فوق الجلد و مكتوب على الجمجمة :
_ لا تنس جزءك من الإتفاق .
تعثر تقي الدين من هول الصدمة ليسقط على وركيه وتغرس شوكة كبيرة في يده اليسرى . لكنه لم يهتم بألمه أو لم ينتبه له بالأحرى . فنهض مسرعا من سقطته وقام من ساعته بإخراج القطيع من ذلك المكان المشؤوم . و من شدة فزعه لم ينتبه أنه نسي عصاه و نعاله و كذلك عمامته التي كان متكئا عليها أثناء نومه .
خرج تقي الدين من تجربته مع الجن سليما معافى من حيث جسده ، متضررا من حيث نفسيته . فقد تسببت له الحادثة بعدة مشاكل صحية و نفسية في المستقبل .
ومايقال أن تقي الدين حيا يرزق بعمر ناهز 78 سنة ، و مازال لديه مايكفي من قوة عقلية ليروي قصته مع الجن . لكي تصبح وسام شهرة له ولقريته الريفية و ليصبح اسمه على كل لسان .
المصدر: sitelatest