قصة الملكة التي أرادت الكيد لضرتها
نبدأ بتفاصيل القصة 👈 : عاش قديماً أحد الملوك مع زوجته الملكة فترة طويلة بدون أن تنجب له ولي العهد ..
فقرر أخيرا أن يتزوج عليها بأميرة شابة طمعا في أن يحظى منها بالأمير الذي طال انتظاره ..
فتم الزواج وعمت الأفراح المملكة باستثناء الملكة التي ملئ الغل صدرها وخشيت ان يركنها الملك جانبا في حالة تحققت مخاوفها ..
وبعد شهور حدث ما كانت تخشاه الملكة ..
فقد تم الاعلان في البلاط عن أن الأميرة الجديدة قد أصبحت حامل بولي العهد ..
فعمت الافراح مجدداً أرجاء المملكة وابتهج الجميع بهذه الأخبار ..
وكالعادة .. امتقع وجه الملكة وانقبض قلبها بهذا النبأ ..
لكن حدث بعد ذلك امر لم يكن في الحسبان إطلاقا ..
إذ تبين أن الملكة حامل هي الأخرى للمرة الاولى بعد طول سنين ..!!!
فابتهجت الملكة أخيراً وعاد الدم الى وجهها المتيبس ..
مرت الشهور سريعا وانجبت الأميرة الصبي الموعود ..
وبعد أيام .. وضعت الملكة صبيا آخر ..!!!
فاستبشرت خيراً في كونه سيصبح ملك البلاد ..
أمام هذا الموقف .. بقي الملك متحيرا ..
هل سيمضي قراره في تنصيب إبن الاميرة لولاية العهد ؟
أم سيغيره لمصلحة إبن الملكة زوجته الأولى ؟؟؟
لكنه بعد التشاور مع وزراءه ومستشاريه قرر تسمية إبن الأميرة على ولاية العهد كونه هو الولد البكر لذا هو أحق بالولاية من أخيه الأصغر حتى لو كان إبن الملكة الإولى في البلاد ..
وأمام هذا القرار .. جن جنون الملكة ونفد صبرها ..
فقررت القيام بالدسائس الخبيثة ضد الأميرة وابنها ..
وفي أحدى الليالي ..
شاهدت الملكة إحدى المربيات الموكلات بالعناية بالطفلين وهي تضع الرضيع ابن الاميرة في مهده الكبير ..
ففار الدم في عروق الملكة واشتعل قلبها غلاً وحقدا ضده فقررت التصرف فورا ..
إذ ذهبت واحضرت سلة وغطاء واختبأت خارج غرفة الطفل ..
وحالما لمحت المربية وهي تطفئ الأنوار ثم تغادر .. حتى اسرعت الملكة واتجهت نحو المهد واختطفت الطفل تحت جنح الظلام ووضعته في السلة وملئت فمه بالقطن حتى لا يصرخ ثم غطت السلة بالغطاء وهرولت مسرعة نحو المطبخ في نهاية القصر ..
لكن ما لا تعلمه الملكة .. أن المربية عندما وضعت ابن الاميرة في المهد لاحظت أنه لم يتوقف عن البكاء .. فذهبت بسرعة واحضرت اخيه ابن الملكة ووضعته معه في المهد ليأنس به ..
وبعدما انصرفت جائت الملكة لتخطف ابنها هي دون ان تميزه في الظلمة وتضعه في السلة ..!!!
وكان هناك حارس ليلي يحرس الباب الخلفي لمطابخ القصر يدعى (طلال) ..
وهو يحرس ذلك الباب بالتناوب مع الحارس النهاري (صفوان) الذي كان أكبر عمراً من طلال ..
وفي تلك الليلة .. كان صفوان ينتظر وصول الحارس الليلي طلال ليستلم عنه المناوبة ..
لكن طلال تأخر كثيرا ..
وفي النهاية حضر طلال الى الباب وهو يلهث وقال لصفوان :
آسف جدا على تأخري يا صفوان .. لكن زوجتي تضع مولودها الأول هذه الليلة وقد احضرت لها القابلة ثم جئت هنا على وجه السرعة ..
صفوان :
اذن اذهب وكن مع زوجتك في هذه اللحظات يا رجل .. إذ ستصبح أبا .. مبارك عليك ..
طلال :
أشكرك .. سأعود حالما استطيع ..
ذهب طلال ..
وبعد ساعة .. انفتح الباب من الداخل !!! وإذا بالملكة تظهر وهي تحمل السلة فدهش صفوان ووقف بوضعية الاستعداد فقالت له الملكة :
طلال .. إذهب وألقِ بهذه السلة في الغابة أو في أحد الآبار .. لا أهتم .. فقط خلصني منها وعد لتحصل على مكافئتك .. سأتتظرك هنا .. هيا اسرع ..
لم تتعرف الملكة الحمقاء كذلك على صفوان خلال عتمة الليل لكونهما يرتديان نفس الزي .. فأخذ صفوان منها السلة وانطلق من فوره ولم ينبهها على أنه ليس بطلال حتى لا يفضح تغيبه عن المناوبة ..
وصل صفوان الى مكان ما في الغابة واخذ يتسائل مع نفسه :
يبدو أن لطلال تعاملات خفية مع الملكة .. حتى أنها نادته باسمه ووعدته بمكافئة .. ولكن لماذا ؟؟؟
تجرأ صفوان ورفع الغطاء عن السلة فبان عن وجه طفل كأنه شقة قمر ..
فانذهل صفوان وسبح الله تعالى وصلى على نبيه ..
ثم تملكه الخوف ….
لقد أيقن انه تورط في مؤامرة كبيرة ..
فالملكة تريد قتل هذا الغلام الذي يبدو أنه ابن ضرتها .. ولي العهد !!!
هكذا فكر صفوان .. فما هو فاعل ؟؟؟
بعد برهة … عاد صفوان الى باب المطبخ فشاهد الملكة تنتظره .. وما إن رأته قادما بدون السلة حتى أيقنت أنه تخلص من الطفل كما رغبت .. فناولته قنينة نبيذ ملكي فاخر مكافأة له وعادت الى داخل القصر مسرورة ..
وبعد لحظات جاء طلال وهو يزف خبر ولادة زوجته لصبي .. وشاهد زجاجة النبيذ بين يدي صفوان فتعجب !!!
فأخبره صفوان وهو شارد الذهن أنها هدية من الملكة .. فأخذها طلال منه ..
لم يخبر صفوان طلالاً بما جرى تلك الليلة ..
بل ودعه واراد الإنصراف بسرعة فقال طلال :
إلى أين ؟ ألن تشرب معي بهذه المناسبة ؟
صفوان :
أنت تعرف أني لا أشرب هذه الأشياء ..
غادر صفوان على عجل ..
إذ أنه كان قد علق السلة على أحد جذوع الأشجار بعيدا عن الحيوانات بانتظار أن يعود ليأخذها حال وصول طلال .. وهذا ما فعله ..
فقد وجد صفوان الطفل على خير ما يرام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ..
لأنه لو كانت الملكة قد أعطت السلة لطلال فعلاً لأصبح الطفل في خبر كان ..
لأن طلال معتاد على تنفيذ الأوامر حرفياً بلا تفكير ..
أخذ صفوان الطفل الى بيته وهو يفكر بحل لهذه المصيبة ويدعو الله ربه أن تنتهي الأزمة بسلام ..
أمر الملك فورا جميع حراسه بالانطلاق في عملية بحث شاملة للغابة ومحيطها .. واشترك الملك نفسه مع حاشيته في البحث ..
أما ما كان من أمر الملكة .. فأنها عندما عادت للقصر ذهبت الى غرفة طفلها فلم تجده …
ثم لمحت الملك برفقة زوجته الأميرة وهي تحمل طفلها ولي العهد فركضت نحوها وصاحت بها ظناً منها أنها تحمل صغيرها هي ..
فلما وجدت انه ليس كذلك صاحت صيحة عظيمة وقالت :
واخيبتاه .. واخيبتااااااه ….
تعجب كل من الملك والاميرة لتصرف الملكة فقال الملك :
ويحكِ يا أمرأة … ما الخطب ؟
لم تجب الملكة بل ركضت مسرعة نحو المطابخ فوجدت طلال وهو ساقط على الارض يأن ويتألم .. حيث أن زجاجة النبيذ التي قدمتها الملكة كانت مسمومة ..!!!
أرادت بذلك أن تقضي على كل أثر يفضح جريمتها ..
كان طلال يكرع الماء ليطفئ حرارة السم الذي يمزق أحشاءه .. فامسكته الملكة وصاحت به :
أين ألقيت بولدي ..؟؟ تكلم هياااا ….
ثم التفتت الملكة الى الملك وقالت بانفعال ظاهر :
عالجه من السم يا مولاي قبل أن يموت .. فهو الوحيد الذي يعلم أين ولدنا ..!!
استدعى الملك فورا أمهر المعالجين في مجال السموم فقاموا بما أمكنهم حتى تم إنقاذه بصعوبة ..
ثم سألوه عن الطفل فأقسم لهم أنه لا يعلم عما يتحدثون ..
فأخبرته الملكة أنها أعطته سلة ليتخلص منها ..
لكن طلال دخل في غيبوبة فقال الاطباء أنه ربما سيمضي يومان قبل أن يصحو مجددا ..
التفت الملك الى الملكة وصفعها بشدة أمام الجميع فانطرحت أرضا وهي في حالة مزرية وغير واعية لما يدور حولها …
كل ما كانت تفعله هو الصراخ باسم ابنها والتشنيع بنفسها قائلة :
ابني … أحضرولي ابني … أردت أن أقضي على أخيك وليس عليك يا ولدي … صدقني ….. يا إلهي .. ماذا فعلت ؟؟؟
ثم تدخل في نوبة نواح فظيعة ..
كان الملك يقف على صهوة حصانه ينظر الى الأفق وقد أوشكت الشمس على الطلوع حين أخبره الكشافة أن عملية البحث قد انتهت دون العثور على المقصود ..
فترقرقت الدموع في عيني الملك ونعى ولده وقال :
لماذا يحدث هذا لك يا ولدي؟ لماذاااااا ؟؟؟
وهنا اقترب منه أحد الحرس وقال :
لقد سمعت يا مولاي إنك تبحث عن الأمير الصغير … إطمأن يا سيدي … إنه حي يرزق !!!
التفت إليه الملك وقال :
من تكون أيها الحارس ؟
أدعى يا مولاي (صفوان) .. الحارس النهاري لمطابخ القصر ..
أخذ صفوان الملك الى بيته وسلمه ابن الملكة .. وما إن رآى الملك ولده حتى ضمه الى قلبه وشرع يقبل يديه وقدميه الصغيرتين ..
شرح صفوان بعد ذلك كل شيئ للملك وأخبره أن العناية الإلهية قد تدخلت لإنقاذ ولده .. فقال الملك :
بل أنقذت ولداي معاً .. وفضحت الخائنة .. فشكراً لله وشكرا لك يا شيخ ..
عاد الملك الى قصره وطلب من المربيات أن يسمحن للملكة أن ترى ولدها المفقود قبل أن يزج بها بالسجن بتهم الخيانة والشروع بالقتل ..
لكن عندما قدم لها الطفل لم تتأثر الملكة وأخذت تصدر أصواتاً عبارة عن مزيج من الضحك والبكاء …
لقد جنت الملكة تماما …!