ما حكم بلع البلغم أو النخامة أثناء الصيام في نهار رمضان ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبلغم كما عرفه في القاموس: خلط من أخلاط البدن ـ وهو معروف، وفي بلع البلغم أو النخامة إذا وصلت إلى الفم خلاف معروف للعلماء، وقد رجح الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ عدم الفطر بتعمد ابتلاعها، فقال ما عبارته: البلغم أو النخامة إذا لم تصل إلى الفم فإنها لا تفطر ـ قولاً واحداً في المذهب ـ فإن وصلت إلى الفم ثم ابتلعها ففيه قولان لأهل العلم: منهم من قال: إنها تفطر، إلحاقاً لها بالأكل والشرب.
ومنهم من قال: لا تفطر، إلحاقاً لها بالريق، فإن الريق لا يبطل به الصوم، حتى لو جمع ريقه وبلعه، فإن صومه لا يفسد.
وإذا اختلف العلماء فالمرجع الكتاب والسنة، وإذا شككنا في هذا الأمر هل يفسد العبادة أو لا يفسدها؟ فالأصل عدم الإفساد، وبناء على ذلك يكون بلع النخامة لا يفطر، والمهم أن يدع الإنسان النخامة ولا يحاول أن يجذبها إلى فمه من أسفل حلقه، ولكن إذا خرجت إلى الفم فليخرجها ـ سواء كان صائماً أم غير صائم ـ أما التفطير فيحتاج إلى دليل يكون حجة للإنسان أمام الله عز وجل في إفساد الصوم.
انتهى.
والتفطير بابتلاع النخامة إذا وصلت إلى الفم هو المذهب عند الحنابلة، وهو قول الشافعية ولهم في هذا تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم 138623.
وعند المالكية خلاف في المسألة، والذي رجحه خليل هو التفطير وخالفه كثير من المالكية فرأوا أن تعمد ابتلاع النخامة أو البلغم لا يفطر، قال في الفواكه الدواني: وكذلك البلغم يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ وَيَبْلَعُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ طَرْحِهِ، وَمِثْلُهُ النُّخَامَةُ وَلَوْ وَصَلَتْ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ وَتَعَمَّدَ ابْتِلَاعَهَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، خِلَافًا لِخَلِيلٍ فِي إيجَابِهِ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ طَرْحِهِ، وَمِمَّا لَا قَضَاءَ فِيهِ بِالْأَوْلَى الرِّيقُ يَتَعَمَّدُ جَمْعَهُ فِي فِيهِ وَيَبْلَعُهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَأَظُنُّهُ الراجح.
انتهى
وقال الدردير في شرحه على مختصر خليل مستدركا عليه ما اختاره في حكم ابتلاع البلغم: لكن المعتمد في البلغم أنه لا يفطر مطلقا ولو وصل إلى طرف اللسان للمشقة.
انتهى.
والحاصل: أن هذه المسألة مختلف فيها، والقول بعدم الفطر قوي متجه، وإن كان الأحوط ـ بلا ريب ـ ترك تعمد ابتلاعه خروجا من الخلاف.
والله أعلم.