باقي قصة امرأة أقامت عند زوجها سنين كثيرة لم تحمل فيها فمرا بكلب أسود
وبعد قليل سمعت قرع الطبول، وانفتح الباب، وبدأ الجنّ يخرجون، وفي أيديهم المشاعل ،ولما خارخ آخرهم تسللت في الظلام ودخلت القصر قبل أن ينغلق الباب ،ثمّ أصاخت بسمعها فلم تسمع شيئا ،وقالت للطائر الأخضر: الآن قدني إلى المكان الذي رأيت فيه الأمير شيراز والناسك ،فنزل بها إلى الدّهليز ثم طار حتى وقف أمام حائط مليئ بالزّخارف ،
فسألته أين الباب فأنا لا أرى شيئا !!! أجابها: الأبواب لا تفتح إلا بالقفل والمفتاح ،وهما الآن عند الملك ،فبدأت الفتاة تصيح وتضرب على الحائط بقوّة ،وفي الأخير سمعت صوتا ضعيفا يقول :نائلة هل هذا أنت ؟ ألم أوصيك بالبقاء في الكهف ؟ أجابته إحمد الله أني لم أسمع كلامك وإلا قبضوا علي في الكهف ،ثم صمتت قليلا وبعد ذلك قالت لا أسمع أصواتهم وأكثرهم خرج مع الملك لا بد أن تجدا طريقة للهروب قبل رجوعهم للقصر .
في هذه الأثناء إستيقظ الناسك وهو يشكو من ألم فضيع في رأسه ،ولما فهم ما يحدث تحامل على نفسه ،ووقف أمام رفوف الكتب يقلب فيها عن طريقة للخروج ،أما الكلب فبقي يتفرّج عن الأشياء الكثيرة التي تمتلأ بها الغرفة الكبيرة ،قال الناسك بضيق لم أجد ما يساعدنا على فتح الباب ،لكن الكلب هتف فجأة تعال وانظر !!! جاء الناسك ،واستغرب لرؤية حجر برّاق داخل صندوق من العاج
ثم قال: لم أر هذا الشيئ من قبل ،حكّ الكلب رأسه ،وأجاب: أعتقد أنّ هذا الشّيئ هو الذي يحرسه ملوك الجن ،ويمنعوننا من رؤيته ،وكلّ علمهم من ذلك الحجر الذي وجده الكهنة في أوّل الدّنيا ،ولو حطّمناه لزال السّحر الذي في القصر !!! قال الناسك : ليس لنا ما نخسره، ثم أخذ يد مهراس ،وضرب الحجر بع@نف،فتهشم إلى قطع صغيرة تناثرت في كلّ مكان ،وما كاد يرفع رأسه حتى أحسّ بالأرض تتزلزل من تحته، وانفتح الباب، فصاح الكلب إركب على ظهري بسرعة أنت ونائلة .
وما كادوا يرتفعون في الهواء حتى إنخسفت الأرض بالقصر وبما فيه من كنوز عظيمة وتحف وكتب ،فقال :النّاسك: علينا أن نسبق ملك الجن وآخذ عنزة وشمعة الخضر ،لكن ما لا يعلمه أنّ الجنّ سقطوا مرضى في اللحظة التي تحطم فيها الحجر وبدأو يموتون ، ولم يبقى إلا الملك الذي عاد بسرعة للقصر،
واكتشف أنّه لم يبق شيئ ،فجلس يتحسّر على تسامحه مع شيراز فمرتين يقع في يده وينجوا لكن هذه المرّة ستكون الأخيرة ثم نزل من حفرة إلى سرداب الملوك،واضطجع بجانب أجداده ومات وبذلك كان الملك الأخير والوحيد الذي ليس له تابوت مذهّب منذ آلاف السنين.أما الكلب فلقد طار إلى القرية ولما نزلوا قال له النّاسك بأسى :لقد فشلنا في مهمّتنا ،وستبقى كامل حياتك كلبا ،
ثمّ جلس يفكّر في العجائب التي حصلت له .
وفجأة سمع الضحكات وراءه، ولمّا إلتفت لم يصدق عينيه ،فلقد تحول الكلب الأسود إلى فتى وسيم أخضر العينين ،وشاهده يعانق نائلة ،ثم فهم كلّ شيئ لما رأى الأمير شيراز يمسك قطعة من الحجر السّحري في يده، وعرف أنّه لمّا كسره بالمهراس طارت تلك القطعة ،ودخلت في ثيابه ،
فحمد الناسك الله الذي يرزق عبده من حيث لا يعلم ،واشترى الأمير شيراز قصرا بصرّة الزّمرد وتزوّج من نائلة ،وقرر النّاسك أيضا الزّواج من فتاة جميلة رآها في القرية وعاش مع صديقه في القصر،واشتغل بالطب وصناعة العقاقير ،أما الجن فقد نسى الناس أمرهم وأصبحت النْساء يمتنعن عن الدّعاء على بناتهن ،وتقول الأسطورة أنّ هذه الحكاية صحيحة ،ووقعت منذ زمن بعيد .
…
إنتهت الحكاية وشكرا على المتابعة والإهتمام .